الدمج والمقاصّة بين الحساب الجاري ودفتر التوفير
محتوى المقالة الرئيسي
الملخص
الحسابُ الجاري هو حسابٌ في حركة مستمرةٍ ومتواصلةٍ من زيادةٍ في الإيداع أو نقصان جرَّاء عملياتٍ يلجأ إليها العميلُ في أي وقت. فينطوي هذا الحسابُ على مخاطرٍ عدّة، وجدَتْ لها المصارفُ ضمانةً في حساب الادخار الذي يَتمحْوَر حولَ فكرةِ تنميةِ أموال العميلِ وتوفيرها للمستقبل. بينَ أهمِّ آلياتِ تفعيلِ هذه الضمانة، تَبرزُ بنودُ إجراء المقاصة والدمج أو التوحيد بين مختلفِ الحساباتِ المصرفيةِ العائدةِ للعميلِ نفسه. وأمامَ واقعَ شمول الحساب الجاري وحساب الادخار ضمنَ هذه البنودِ، يُطرحُ على بساطِ البحثِ مسألة صحتِها ومدى مفعولِها في ضوءِ اختلافِ الطبيعةِ القانونيةِ للحسابيْن المذكوريْن.
بموجبِ اتفاقِ الدمجِ، تعد الحساباتُ المفتوحةُ لنفسِ العميلِ أجزاءً مختلفةً من حسابٍ واحدٍ اقتضتها ضروراتٌ عمليةٌ، ويمكنُ في أي وقتِ إجراء مقاصةٍ عامة بين أرصدتِها الدائنةِ والمدينة. أمَّا عقدُ المقاصةِ فيُعدُّ ربطاً اتفاقيا، وبشكلٍ مصطنعٍ، بينَ دَينيْن متبادليْن ناشئيْن عن مصدريْن مُستقليْن، ما يُنشئ بينهما تلازماً مُمهداً لإجراءِ المقاصةِ بينهُما في المستقبلِ. ويُستنتج أنَّ اتفاقَ الدمجِ يمسُّ مباشرةً بمبدأ استقلالِ الحساباتِ المصرفيةِ إذْ تصبحُ جميعُها حساباً واحداً، في حينِ يقتصرُ مفعولُ اتفاق المقاصةِ على خَلقِ ترابط بينَ أرصدةِ الحساباتِ المختلفةِ.
تبرزُ أهميةُ هذه الدراسة بشكّلٍ رئيس، في تحديدِ مدى إمكانيةِ لجوءِ المصرفِ إلى تفعيلِ هذيْن البنديْن لاستيفاءِ دينِه دونَ الغوصِ في إجراءاتِ الإفلاسِ في حال قُضيَ بهِ على عميلِه. كما برزَت أهميتُها مؤخّراً إثرَ الأزمةِ الماليةِ التي تعصِفُ في لبنان، بعد أنْ حاولت المصارفُ استيفاءَ قروضِها الممنوحةِ بالعملاتِ الأجنبيةِ، من أرصدةِ حساباتِ الادخار المفتوحة بهذهِ العملاتِ أيضاً، بالاستناد إلى بندي المقاصةِ والدمجِ بين الحساباتِ الموافق عليهِما من قِبل العميل. وعليه، تحاولُ هذه الدراسةُ أنْ تعرضَ جميعَ الآراءِ الفقهيةِ والاجتهادية المختلفةِ في هذا الخصوص.
تفاصيل المقالة
هذا العمل مرخص بموجب Creative Commons Attribution 4.0 International License.